بسم الله الرحمن الرحيم ..

إن من وسائل التقرب إلى الله عز وجل حسن التعامل مع الناس ! فقد خلق الله الخلق وألزمهم بأمور , فأمرهم بالعدل , ونهاهم عن الظلم , وأمرهم بالجماعة ونهاهم عن الفرقة , وغيرها من الأوامر التي تقتضي كيفية التعامل مع الناس .


حبيبتي تاملي معي , لماذا أحيانا تفخرين بأنك زاملتِ فلانة ؟
لماذا نرى الطالبات يجتمعن حول تلك الأستاذة دون الأخرى ؟
لماذا إذا تحدثت إحدى بنات (شلتك) الكل يصغي لها ويسمع لحديثها , ويأنس بمجالستها ؟ وربما تكونين أكثر تفوقا منها ؟
لماذا نجد اثنان يتحاوران وينتهي حوارهما بأدب ولطف , بينما آخران ينتهي حوارهما بعراك وخلاف ؟!!
لمــــــــــاااذا ؟
إنها فنون التعامل التي يتقنها هؤلاء ..

كيف تقنين فنون التعامل :
حبيبتي إلى متى تعجَبين ولاتعجِبين .. نعم ياحبيبة اجعلي من نفسك قدوة صالحة في فنون التعامل من حيث حسن المنطق ولطافة الكلام ,, فإليك همسات علّها تساهم في جعلكـ مبدعة في هذا المجال :
أولا : ليكن في بالك أن العلماء يقولون بأن اللقاء الأول يطبع في الذهن 70% من شخصية المتحدث لذا احرصي عليه وحضري له جيدا .
ثانيا: اجعلي الناس يشعرون بأنهم أحب الناس إليك من خلال تعاملك بحيث تظهرين حبك وحرصك عليهم وإليك تلك الحادثة المؤثرة .كان تعامل النبي _صلى الله عليه وسلم _ مع عمرو بن العاص ومع غيره راقيا حتى ظن عمرو انه أحب الناس إلى النبي _صلى الله عليه وسلم_ فسأل النبي ذات يوم , يارسول الله : أي الناس أحب إليك ؟
فقال صلى الله عليه وسلم : عائشة .
قال عمرو : لا .. من الرجال يارسول الله , لست أسألك عن اهلك .
فقال _صلى الله عليه وسلم_ : أبوها .
قال عمرو : ثم من .؟
قال : عمر بن الخطاب .
قال : ثم من .. فجعل النبي _صلى الله عليه وسلم _ يعدد رجالا .. يقول : فلان ..ثم فلان ..
بحسب سبقهم إلى الإسلام وتضحيتهم من أجله ..
قال عمرو : فسكتّ مخافة أن يجعلني في آخرهم .
_ فالناس كلما اشعرتيهم بقيمتهم وأظهرت الاهتمام بهم كلما ملكت قلوبهم فاحبوك ..
لذا احرصي على أن تشعريهم بأنك تحبي الخير لهم ,, كان هناك طبيبة يتردد عليها النساء كثيرا ويحبونها بسبب أنها كانت تحرص عليهم وتهتم بهم , فطريقتها كانت تقول (لسكرتيرتها) إذا اتصلت عليك إحدى المريضات خذي اسمها ثم اطلبي منها الاتصال بعد 5دقائق فكانت تاخذ اسمها ومن ثم تأخذ ملفها فتستخرج معلوماتها كاملة وتعطيها الطبيبة , فإذا اتصلت المريضة تبدأ الطبيبة بالسؤال عنها وعن أبنائها فتظن المتصلة انها تذكرها فعلا فتحبها وتظل تتردد عليها .

ثالثا : اختاري الكلام المناسب :
من حسن الخلق أن تنتقي الكلام المناسب لكل شخص أو فئة .. فلو جلست مع نساء كبيرات فلاتحدثينهن بآخر الموضات وأنواع الماركات وأشكال الحلويات بل تحدثي معهن بما يناسبهن .
ايضا من أدب الحديث , أن تراعي المشاعر فلاتزيدي الطين بلة , فإذا جلست مع يتيمة فلاتمدحي أباك أمامها وتعددي مااشتراه لك عندها , واحذري من ذلك فمافي القلب يكفي .. وايضا لاتتحدثي عن نسبتك العالية أمام فتاة مخفقة فما في القلب يكفي ... وهكذا راعي المشاعر حتى لاتؤذي الناس فيبغضوك ..
إذاً تحدثي مع الناس بما يستمتعون هم بسماعه , لابما تستمتع أنت بحكايته . وانتقي الكلام المناسب مع مراعاة المشاعر ..

رابعا : امتلكي قلوب الناس :
الناس كمعادن الارض منهم القاسي ومنهم اللين ومنهم الغالي ومنهم الرخيص ومنهم الكريم ومنهم البخيل ..
ولو تأملت لو جدت أنك تتعاملي مع الناس كما تتعاملين مع انواع الأرض فطريقة تعاملك مع الأرض الصلبة مغاير تماما لطريقة تعاملك مع الأرض اللينة .
إذاً كوني على دراية بطباع الأشخاص الذين تتعاملين معهم حتى تعرفي كيفية التعايش معهم فكما قيل : مفتاح القلوب هو معرفة الطباع .

خامسا : اقضي حوائج الناس :
حينما تتغيب إحدى صديقاتك عن المدرسة اتصلي عليها اسألي عن حالها ساعديها في إكمال دفاترها , اقضي حوائج الناس كوني قريبة منهم ولاتنتظري ردا من أحد فليس الواصل بالمكافيء .
صدقيني من عاشت لغيرها ستعيش متعبة لكنها حتما ستحيا كبيرة وستموت كبيرة ....!

سادسا : احذري من أن تكوني كالذبابة تتبع الجروح فلاتنتقدي بكثرة بل كوني لماحة للأشياء الإيجابية واثني عليها , يقول تعالى (وإذا قلتم فاعدلوا) فمثلا لو دخلت بيت خالتك ووجدت أنها أضافت طقم كنب جديد فادعي لهم بالبركة واثني عليه , يقول الشيخ العريفي كان لدي ابن عم يرغب بأن اساعده في التسجيل بالجامعة فذهبت إلى بيته لآخذه معي فلما ركب كدت أختنق من شدة رائحة عطره لكن الشيخ اثنى عليه وامتدح رائحة العطر ,,, يقول الشيخ بعد سنوات ذكرني هذا الشاب بالموقف وقال : والله مانسيت كلماتك اللطيفة تلك ..!! انظري كيف الثناء اللطيف يبقى في الذهن ..
سابعا : فرّي من المشاكل :.
فالمؤمن هين لين لايعاتب ولايجادل ولايشاكس , فإذا تحدثت معك إحدى النساء وشعرت بأن كلامها فيه استهزاء بك أو أتبعت مزحها برزح كما يفعل كثير من النساء فلاتردي عليها بل اجعلي كلامها يتبخر في الهواء .. وإذا أحسست بأن الحديث مع صديقتك او أختك سيؤدي إلى مشكلة فحاولي إغلاقه ماأمكن ..!
حكمة (لاتثيري الغبار على نفسك مادام ساكنا , وإن ثار فسدّي أنفك بكمك )

ثامنا : عاملي الناس باخلاقك لابأخلاقهم ولاتبالي :
احذري أن تتعاملي مع فلانة بسوء لأنها تتعامل معك كذلك , فلو عاملت هذه وتلك بما يعاملوك فستكون أخلاقك سيئة لأبعد درجة ..!
لذا اسمعي هذه القصة : كان هناك رجل يخرج كل صباح مع صديقه إلى محل يبيع الصحف فكلما اتى هذا المحل سلم على صاحبه وصاحب المحل لايرد عليه السلام , حتى قال له صديقه ألا تمل كل يوم تسلم وصاحب المحل لايرد عليك ؟ ثم ذهب من الغد وسلم عليه وذاك كحاله لايرد , فغضب صديقه منه وقال : لاتسلم عليه ( احقره مثل مايحقرك) فقال الرجل : أأعلمه الأدب أم أتعلم منه قلة الأدب !!
وأيضا لاتبالي بكلام الناس فكلامهم كثير لكن اجعلي من نفسك كالمنخلة تاخذ الجيد وتدع القبيح , فإن تتبعتي كلامهم فستتعبي , كما تعب جحا فقد اخذ ابنه ذات مرة ليريه كيف أن كلام الناس كثير ولايمكن ان يدعوه بحاله . فمرا على قرية وهما راكبان على الحمار , فقال أهل القرية : ويلهما لايرحمان الحمار كلاهما راكبان عليه ..
ثم نزل جحا من على الحمار وجعل يسوقه وابنه راكب عليه فمرا على قرية فقال أهل القرية : انظروا إلى هذا الابن العاق راكب وابوه ماشي ,
ثم نزل الابن فجعل يمشي والأب راكب على الحمار فمرا على قرية اخرى فقال اهل القرية : انظروا إلى هذا الأب القاسي لايرحم هو راكب وابنه ماشي ,
ثم نزل جحا وجعل هو وابنه يمشيان ولم يركبا على الحمار فمرا على اهل قرية فقال اصحاب تلك القرية : انظروا إلى هذان الغبيان معهما حمار ولم يركبا عليه ..!!!!!
فعلا الناس لايدعوك مهما فعلت 

تاسعا : احفظي سرك لئلا تغضبي ممن يشيعه :
يقال : كل سر جاوز الاثنان شاع , ومن اللطائف سئل أحدهم عن الاثنين فقال : الشفتان 
كم مرة مرّ عليك موقف فاستودعت إحداهن سرا .. وبعد مدة وجدتيه قد انتشر , أتعلمين من السبب في هذا النشر ؟
إنه أنت ... نعم لأنك أنت لم تتحمليه فمن استودعتيها لن تتحمله أكثر منك وقد كلفتيها بما لاتطيق , وقد قيل :
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه """" فصدر الذي يستودع السر أضيق
لذا لاتعطي سرك لاحد ابدا , وإن كان لابد فاعطيه من تثقين به , أما إن كان السر شيء يهز من شخصيتك ويؤثر على سمعتك فاحذري أن تفشيه لاحد بل استري على نفسك ولاتخبري به احد ..!

عاشرا : الله الله بالرفق , عاملي الناس بالرفق كوني حنونة هينة لينة خصوصا مع اقرب الناس إليك (أهلك وإخوانك) حتى يتقبلوك ويتقبلوا منك ..
كان عبدالله رجلا متحمسا لكنه تنقص بعض مهارات التعامل .. خرج يوما من بيته إلى المسجد ليصلي الظهر .. يسوقه الحرص على الصلاة ويدفعه تعظيمه للدين كان يحث خطاه خوفا من أن تقام الصلاة قبل وصوله للمسجد .
مر أثناء الطر يق بنخلة في أعلاها رجل بلباس مهنته يشتغل بإصلاح التمر .. عجب عبدالله من هذا الذي مااهتم بالصلاة .. وكأنه ماسمع اذانا ولاينتظر إقامة !
فصاح به غاضبا : انزل للصلاة .. فقال الرجل بكل برود : طيب .. طيب ..
فقال : عجل .. صل ياحمار ..
فصرخ الرجل : أنا حمار !! ثم انتزع عسيبا من النخلة ونزل ليفلق بها رأسه فغطى عبدالله وجهه بطرف غترته لئلا يعرفه وانطلق يعدو إلى المسجد .. نزل الرجل من النخلة غاضبا ومضى على بيته وصلى وارتاح قليلا ثم خرج إلى النخلة ليكمل عمله ..
دخل وقت العصر وخرج عبدالله إلى المسجد .. مرّ بالنخلة فإذا الرجل فوقها فغير اسلوب تعامله ..
قال : السلام عليكم .كيف الحال ؟
قال : الحمدلله بخير .
قال : بشر كيف الثمر هذه السنة .
قال : الحمدلله .
قال عبدالله : الله يوفقك ويرزقك ويوسع عليك ولايحرمك أجر عملك وكدك لاولادك .. ابتهج الرجل لهذا الدعاء.. فأمن على الدعاء وشكر ..
فقال عبدالله : لكن يبدو أنك لشدة انشغالك لم تنتبه إلى آذان العصر !! قد أذن العصر والإقامة قريبة فلعلك تنزل لترتاح وتدرك الصلاة , وبعد الصلاة أكمل عملك .. الله يحفظ عليك صحتك ..
فقال الرجل : إن شاءالله إن شاءالله .وبدأ ينزل برفق ثم أقبل على عبدالله وصافحه بحرارة , وقال : أشكرك على هذه الاخلاق الرائعة .. أماالذي مر بي الظهر فياليتني أراه لاعلمه من الحمار ..

مهارات تعاملك مع الناس تحدد تعامل الناس معك فكوني راقية في ذلك واحتسبي الأجر ..

(استمتع بحياتك , موقع صيد الفوائد )

وصلى الله وسلم على نبينا محمد !


0 التعليقات:

إرسال تعليق