الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين , وبعد :
فيما يلي أعرض وبشكل موجز عما احتواه كتاب (مناهج البحث الفلسفي) ومن ثم أورد بعض الملاحظات التي لحظتها على هذا الكتاب .

فقد ألفه محمود زيدان أستاذ الفلسفة بكلية الآداب بجامعة الاسكندرية , والذي نُشِر عير اللجنة المصرية العامة للكتاب في الاسكندرية .

ويقع الكتاب في 140 صفحة قسمها على مقدمة وثمانية فصول وبدون خاتمة وذكر المراجع في النهاية :
ولقد استهل المقدمة بتساؤل عما إذا كان هنالك منهج محدد للبحث الفلسفي ؟
وتساءل أيضا عما إذا كانت الفلسفة علما يمكن ان يتوصل من خلالها إلى منهج محدد يختص بها ؟
وهذه الأسئلة من شأنها تثير فضول القاريء ممايجعله يتسلسل بالقراءة حتى يتوصل إلى إجابة مقنعة عن هذه الأسئلة .
أما الفصل الأول فقد تحدث فيه عن طبيعة النظرية الفلسفية تمهيدا لدراسة المنهج البحثي للفلسفة , وأورد الهدف من الفلسفة ثم ميز فيه بين النظرية الفلسفية والمذهب الفلسفي والقضية الفلسفية , ثم استعرض خصائص النظرية الفلسفية , وشرح المذهب الفلسفي واتخذ مذهب كنط الفلسفي مثالا , وجاء هذا الفصل في ستة عشر صفحة .
أما الفصل الثاني فقد خصصه للحديث عن اقدم المناهج الفلسفية وهو المنهج الفرضي وشمل ذلك صوره ولمحة تاريخية عنه والخلاف فيمن استخدمه , وجاء هذا الفصل في تسع صفحات فقط .
وقد خصص الفصل الثالث للمنهج التمثيلي وتناول فيه مبدأ الغائية وتعميمه , والغائية في الإنسان ,وأورد فيه تطبيق أرسطو لمبدأ الغائية على الكون , ولمح لمحة خاطفة على نظريات أرسطو النفسية والخلقية ليقرر أن ليس في حياة الإنسان اليومية عبث وأن سلوك الإنسان الخلقي إنما يهدف لتحقيق ذاته وهي كماله الفكري , وينقل زيدان عن أرسطو في نقطة تطبيق الغائية على الكون قوله : ( وعالم الأفلاك لاينشأ ولايفنى إذ هو قديم من الأزل إلى الأبد ) ولم يعقب على ذلك المؤلف فمن المعلوم أن هذا خطأ صريح فالله عز وجل هو الخالق وكلٌ ماعداه فانٍ.
ثم نقل أيضا عن أرسطو بانه ومن خلال تطبيق الغائية على الكون يثبت وجود الله لكنه لايثبت كون الله سابق على العالم وقد رد زيدان على هذه الجزئية , وجاء هذا الفصل في إحدى عشر صفحة .
أما الفصل الرابع فقد خصصه لمنهج الشك واليقين حيث ذكر فيه الفيلسوف الأول الذي أعلن وبصراحة عن ضرورة إيجاد منهج فلسفي جديد وهو ديكارت , وتحدث فيه عن هدف هذا المنهج , وقواعده , وآلية تطويره ونتيجة تطبيق ديكارت لمنهجه , وتناوله في أربعة عشر صفحة .
وخصص الفصل الخامس للمنهج الظاهر ,, فقد استعرض فيه مجمل فلسفة هوسرل وأطوارها , وصاغ خطوات منهج الظواهر كما أراده هوسرل بطريقة محددة , وطبق المنهج على إحدى نظريات هوسرل ليحكم على مدى نجاحه فيه , و جاء هذا الفصل في خمس عشرة صفحة .
(منهج التحليل وجورج مور ) هو عنوان الفصل السادس حيث استهل زيدان هذا الفصل بمقدمة عن هذا المنهج وعدّد الفلاسفة الذين جعلوا التحليل منهجا لهم , ومن ثم دلف إلى السمات العامة لفلسفة جورج مور , وتناوله في سبعة عشر صفحة .
وأما الفصل السابع فليس ببعيد عن الفصل السادس حيث كان الحديث فيه عن منهج التحليل والفيلسوف رسل , وقد تناول فيه منهج رسل التحليلي وخصائصه وخطواته ثم ختم الفصل برؤية نقدية على هذا المنهج وجاء في إحدى وعشرين صفحة .
أما الفصل الثامن فقد عنونه بـ المنهج والمذهب في الفلسفه , حيث أجاب فيه عن الأسئلة التي طرحها في بداية الكتاب , وأيضا لخص كل منهج على حدة وحاول الوصول إلى تركيب منهج يحوي العناصر المشتركة بين تلك المناهج بحيث يقبله كل الفلاسفة رغم اختلافاتهم الضخمة , ويلحظ على زيدان في هذا الفصل أن أغلب ماطرحه فيه يعتبر أبرز النتائج التي نوصل إليها في الفصول السابقة , لذلك كان هذا الفصل بمثابة الخاتمة التي استغنى عنها المؤلف في كتابه , وجاء هذا الفصل في أربعة عشر صفحة .


ولقد خلصت بعد قراءتي لهذا الكتاب على أمور التزمها زيدان في كتابه وهي كما يلي :
أولا: من الواضح الجهد المبذول الذي قام به زيدان من اجل الوصول إلى منهج محدد يلتزم به الفلاسفة .
ثانيا :اتبع في ذلك منهجا تاريخيا حيث اعتمد على الفلاسفة الذين أعلنوا بأن لهم مناهج وزعموا صحتها ..!
ثالثا : أنه تجاهل في كتابه المناهج المتداخلة تداخلا تاما مع مذاهب أصحابها بحيث يستحيل تمييز المنهج عن المذهب ,
رابعا: اعتمد على المنهج الذي يمكن لأي باحث في الفلسفة أن يقبله دون تقييد بمذهب فلسفي معين .
خامسا: اختار زيدان خمسة مناهج وربط كل منهج بأبرز فيلسوف دعا إليه , وهي :
المنهج الفرضي وأبرز من دعا إليه أفلاطون .
المنهج التمثيلي وأبرز من دعا إليه أرسطو
منهج الشك واليقين وأبرز من دعا إليه ديكارت
المنهج الظاهري وأبرز من دعا إليه هوسرل
منهج التحليل وأبرز من دعا إليه مور ورسل
فقد ذكر كل منهج بإيجاز وطبق كل منهج على إحدى نظريات فيلسوفه حتى يتضح المنهج ويحكم على مدى نجاحه فيه .
سادسا : أسلوب المؤلف ليس بذاك الصعوبة ويمتاز بالتشويق في بعض المواضع , إلاأنه يحتاج لتكرار القراءة حتى يتم فهم بعض محتوياته خصوصا لمن لايفقه كثيرا في الفلسفة مثلي .
سابعا: يفتتح كل فصل بمقدمة يمهد فيها ماسيحويه الفصل .
ثامنا : يضم كل فصل في نهايته خاتمة تحوي أبرز ماذكر فيه ..
أتمنى أن أكون قد وفقت في تقديم رؤية واضحة عن هذا الكتاب , وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

0 التعليقات:

إرسال تعليق